الحشرات في بيئتنا

حينَ يسمعُ كثيرٌ منَ النَّاسِ كلمةَ "حشرةٍ"، يتبادرُ إلى أذهانِهم شعورٌ بالانزعاجِ أوِ الخوفِ، ربَّما بسببِ قلَّةِ المعرفةِ أوِ الصُّورِ السَّلبيَّةِ. لكنْ منَ الضَّروريِّ أنْ نُغيِّرَ هذا التَّصوُّرَ الشَّائعَ، وأنْ نُدركَ أنَّ هذهِ الكائناتِ الصَّغيرةَ، رغمَ حجمِها، تلعبُ أدواراً بيئيَّةً بالغةَ الأهمِّيَّةِ، تستحقُّ أنْ نعرفَها ونقدِّرَ وجودَها.

فهناكَ العديد منَ الحشراتِ التي تشكِّلُ جزءاً حيويَّاً منَ النُّظمِ البيئيَّةِ حولَ العالمِ. فمنَ الحشراتِ التي تُسهمُ في الحفاظِ على التَّوازنِ البيئيِّ: النَّحْلُ، الَّذي يساعدُ بكفاءةٍ منقطعةِ النَّظيرِ في تلقيحِ الأزهارِ والمحاصيلِ، والخنافسُ بأنواعِها المختلفةِ التي تلتهمُ الحشراتِ الضَّارَّةَ في المزارعِ، واليرقاتُ التي تُسهمُ بفعاليَّةٍ في تحليلِ الموادِّ العضويَّةِ وإعادةِ تدويرِها في التُّربةِ، وحتَّى النَّمْلُ الَّذي يعملُ على تهويةِ التُّربةِ وتحسينِ جودتِها. ولا ننسى دورَ بعضِها كمصدرِ غذاءٍ أساسيٍّ لحيواناتٍ أخرى كالطُّيورِ والزَّواحفِ.

لقدْ ثبتَ علميَّاً أنَّ استمرارَ الحياةِ النَّباتيَّةِ، وأمنَنا الغذائيَّ، يتطلَّبُ أنْ يكونَ هناكَ تنوُّعٌ وثراءٌ في الحشراتِ الملقِّحةِ. فبدونِها، تقلُّ جودةُ المحاصيلِ وكميَّاتُها بشكلٍ كبيرٍ، وتضعفُ المنظومةُ الغذائيَّةُ بأكملِها، ممَّا يؤثِّرُ سلباً على الاقتصادِ والبيئةِ معاً. لهذا، تعملُ منظَّماتُ البيئةِ جاهدةً على توعيةِ المزارعينَ والمجتمعِ بأكملهِ كي لا يُفرطوا في استخدامِ المبيداتِ الكيميائيَّةِ الضَّارَّةِ التي تقتلُ الحشراتِ النَّافعةَ والضَّارَّةَ على حدٍّ سواءٍ.

منَ المهمِّ جدَّاً أنْ نعلِّمَ أبناءَنا منذُ الصِّغرِ أنَّ معظمَ الحشراتِ ليستْ مصدراً للأذى، بلْ هيَ جزءٌ أساسيٌّ منْ شبكةٍ بيئيَّةٍ متكاملةٍ ومعقَّدةٍ. لا نريدُ فقطْ أنْ  يعرفوا أسماءَها، بلْ أنْ يفهموا وظيفتَها ودورَها الإيجابيَّ. ويمكنُ تحقيقُ ذلكَ من خلال القصصِ المشوِّقةِ، والأفلامِ الوثائقيَّةِ المناسبةِ لأعمارِهم، والأنشطةِ التَّفاعليَّةِ في الطَّبيعةِ.

إنَّ حمايةَ البيئةِ تبدأُ بخطواتٍ بسيطةٍ وقدْ تبدو صغيرةً، ولكنَّها تحتاجُ إلى وعيٍ جماعيٍّ مستمرٍّ، وتربيةٍ تحفِّزُ العقولَ على أنْ تُبصرَ الجمالَ والفائدةَ فيما حولَها، ففي أصغرِ الكائناتِ تكمنُ أحياناً أعظمُ الأدوارِ.