Listen to the conversation and answer the questions
استمع إلى المحادثة وأجب عن الأسئلة
كانَ أحمدُ وعلي صديقَينِ حميمَينِ منذُ أيامِ الطفولةِ المبكّرةِ. نَشآ معًا، وتشاركا الألعابَ والأحلامَ الصغيرةَ والكبيرة، ووقفَ كلٌّ منهما بجانبِ الآخرِ في لحظاتِ الفرح والحزن. ولمْ تَكُنْ صداقتُهما مجردَ رفقةٍ عابرةٍ، بلْ كانتْ مبنيةً على أسسٍ راسخةٍ منَ الصدقِ، والثقةِ المتبادلةِ التي لا تتزعزع، والمحبة الصادقة.
في أحدِ الأيامِ، جاءَ عليٌّ إلى أحمدَ وعلى وجهِهِ علاماتٌ واضحةٌ منَ الحيرةِ العميقةِ والقلقِ الشديدِ. جلسَ بجانبِهِ وقالَ بصوتٍ منخفض ومتردد: "يا أحمد، لقدْ حانَتْ لي فرصةُ العمر! فرصةٌ رائعةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ للسفرِ والدراسةِ في الخارجِ وفي التخصصِ الذي أحلمُ بهِ، وهيَ فرصةٌ أعلمُ أنها قد لا تتكررُ في حياتي مرةً أخرى. لكني واجهتُ مشكلةً غيرَ متوقعة؛ أحتاجُ مبلغًا بسيطًا منَ المالِ لتأكيدِ التسجيلِ ودفعِ الرسومِ بسرعةٍ خلالَ أيامٍ قليلة، وليسَ لديَّ هذا المبلغُ الآنَ للأسفِ."
شعرَ أحمد بمرارةِ الموقفِ فهو يعرفُ جيدًا كمْ كانَ عَلِيّ يحلمُ بهذهِ الفرصةِ ويتمنى تحقيقَها منذُ سنواتٍ طويلةٍ.
نظرَ أحمدُ إلى صديقِهِ بعينينِ مليئتينِ بالفرحة والغبطة. فلمْ يكنْ لدى أحمدَ الكثير منَ المالِ المُدَّخرِ في ذلكَ الوقتِ، فقد كانَ يجمعُهُ بصعوبةٍ، لكنهُ لمْ يترددْ لحظةً واحدةً في اتخاذِ قرارِه. ابتسمَ ابتسامةً صادقةً وقالَ لعليّ: "لا تقلقْ أبدًا يا صديقي، سأساعدُكَ في هذا الأمرِ إنْ شاءَ اللهُ وبكلِّ ما أمْلِك. هذهِ فرصتُكَ الثمينةُ وعليكَ أنْ تغتنمَها ولنْ أتركَها تفوتُك."
في اليومِ التالي مباشرةً، ودونَ ترددٍ أو تفكيرٍ في خسارتِهِ الشخصيةِ، جمع أحمدُ المال الذي كانَ يدّخره، وجمعَ المبلغَ المطلوب، وأعطى المبلغَ كاملاً لصديقِهِ علِيّ بكلِّ طيبِ نفسٍ وسخاءٍ. دُهشَ عليٌّ دهشةً عظيمةً منْ حجمِ تضحيةِ أحمد التي لمْ يكنْ يتوقعُها، وقالَ لهُ وعيونُهُ مليئة بالدموعِ الحارةِ الممزوجةِ بالامتنانِ: "لا أدري يا أحمدُ كيفَ أوفيكَ حقَّك! لقدْ ضحّيتَ منْ أجلي، وأعطيتني الذي كنتَ تدخره منذُ فترةٍ طويلة."
أجابَ أحمدُ ببساطةٍ وعفويةٍ نابعةٍ منَ القلبِ: "صداقتُنا الحقيقيةُ التي تجمعُنا أغلى وأثمنُ منْ أيِّ شيءٍ ماديٍّ في هذهِ الحياةِ يا علي. كنوزُ الدنيا لا تساوي لحظةً واحدةً منْ عمرِ هذهِ الصداقة. سعادتُكَ بتحقيقِ حلمِكَ ونجاحِكَ في دراستِكَ هما في الحقيقةِ سعادتي ونجاحي أنا أيضاً."
سافرَ عليُّ إلى الخارجِ بفضلِ اللهِ ثمَّ بفضلِ تضحيةِ صديقِهِ أحمدَ، وحققَ حلمَهُ بالدراسةِ والنجاحِ، لكنهُ لمْ ينسَ أبدًا موقفَ صديقِهِ النبيلِ الذي وقفَ بجانبِهِ في أحلكِ الظروفِ وأصعبِ اللحظاتِ. بقيتْ صداقتُهما قويةً ومتينةً كالصخرِ، تُروى قصتُهما كمثالٍ حيٍّ ونموذجٍ يحتذى بهِ على الصداقةِ الحقيقيةِ والوفاءِ الذي لا يعرفُ المصالحَ الشخصيةَ أو الأنانية، بلْ تُبنى على الإيثارِ والعطاءِ الصادقِ والتضحية.