مقال

مقال

توجيهات: 

اقرأ النص والنصائح، ثم أجب عن الأسئلة. 

الاستهتار برهان السأم 

كثيرًا ما ننخدع برؤية بعض الناس يلهون ويستهترون، ولسان حالهم يقول: نعيش اليوم لأننا لا نعرف إذا كنا سنحيا في الغد. والذي يخدعنا في هؤلاء الناس أننا نعتقد أنهم سعداء قد حلوا مشكلة الوجود، واستقروا على أن الأسلوب الأمثل للحياة هو أن نحيا في مسرات متوالية نأكل ونشرب، وغدًا نموت. ولكننا عندما نتأمل حالهم ونتحدث إليهم نجد أنهم في غمرة من التشاؤم والحزن، قد سئموا الحياة وضاقوا بها إذ لا يجدون أية دلالة لها، وهم كلما شملهم السأم والحزن عمدوا إلى المسرات الرخيصة التي تسري عنهم تفاهة هذه الحياة التي يحيونها، واستهتارهم بالأخلاق، وإقبالهم على الشراب أو الطعام، إنما يعود كل ذلك إلى عجزهم عن أن يرفعوا أنفسهم إلى المقام الذي يشعرهم بالكرامة والسمو، وإلى عجزهم عن أن يؤدوا عملًا أو يقوموا بنشاط يجعل لحياتهم دلالة. إن خلو الحياة من الدلالة هو الذي يجعل الشاب يتساءل: لماذا أعيش؟ ومتى سأل هذا السؤال ولم يجد الجواب الشافي فإنه عندئذ يستهتر، بل هو قد يرتكب الجرائم الأخلاقية البشعة لأنه لم يعد يجد الدلالة في الاستقامة والشرف، ولا نقول العظمة والمجد. 

كيف إذن نوجد الدلالة لحياتنا؟ نوجدها بأن ننشئ، نبني، نشيد، نؤدي من العمل ما نرى نتائجه تنمو أمام أعيننا فنفرح ونحس أن المستقبل جزء من الحاضر؛ لأن هذا العمل سيطرد في نموه في السنين القادمة، أي في هذا المستقبل. نبني أنفسنا، نبني شخصيتنا، أو نبني غيرنا بالتربية والتثقيف. وتجري عملية البناء يومًا بعد يوم فتشعرنا بتطورنا وارتقائنا وعندئذ نجد الدلالة، وهي: مشاعل الطريق للشباب. أنا أحيا لأنني أرتقي، ولأن لنفسي امتدادًا في المستقبل يجعلني أتفاءل وأفرح، فلا أحتاج إلى أن أقول: لنأكل ونشرب وغدًا نموت. إن هذه الكلمات التي تحمل معنى التشاؤم بالمستقبل، ومعنى التفاهة في حياتنا الحاضرة، ومعنى الركود والانحلال، هذه الكلمات لا يمكن أن تخطر بعقل الشاب الذي يجد الدلالة لحياته لأنه يتطور ويرتقي، ولأنه يبني شخصيته. 

ومن الأخطاء الفادحة ظن الكثيرين من الناس أن الشبان المستهترين أكثر استمتاعًا بحياتهم، وإن كانوا أقل انتفاعًا من الشبان الجادين. 

ومنشأ هذا الخداع أننا نرى الشاب المستهتر يعيش في اللهو، يسهر ويتبع شهوات الدنيا، وينغمس في التدخين أو السكر، ولا يتعب في كسب، ولا يؤدي خدمة تحتاج إلى الدرس والجهد، وهو ضاحك من هموم الدنيا هازئ بالمستقبل، لا يبالي بالواجبات الاجتماعية أو الرقي الشخصي. ونرى أن الشاب الجاد في تعب، يجهد ويعرق ويفكر كثيرًا، ويحمل أعباء من الهموم والاهتمامات، ويضطلع بالمسؤوليات المادية والروحية، وهو رزين في حديثه، يقتصد في كلماته وابتساماته، ينام ليله، ويسعى نهاره في طلب الرزق أو ترقية شخصيته بالدرس. 

والمقارنة بين هذين الاثنين توهمنا أن الأول سعيد باستهتاره، والثاني شقي بجده، ولكن هذا خطأ فادح؛ لأن استمتاعات الشاب الجاد تسري على مستوى أعلى من استمتاعات الشاب المستهتر، كما أنها تمتد إلى عشرات السنين في المستقبل، في حين تنقطع استمتاعات الشاب المستهتر قبل أن يبلغ الأربعين أو الخمسين. 

إن المستهتر يحيا بلا حياة تنتظره في النصف الثاني من عمره، في حين يحيا الجاد حياته كلها إلى يوم وفاته، فالأول - أي المستهتر - يقف عند الأربعين أو الخمسين بلا اهتمامات روحية، أو ثقافية، أو فنية، أو اجتماعية، وبلا رسالة، وفي أغلب الأحيان بلا صحة، أما الثاني - أي الجاد - فإنه ربط نفسه منذ العشرين أو قبلها بروابط الارتقاء الشخصي والخدمة الاجتماعية والاستطلاعات الثقافية، فهو شاب يرقص قلبه طربًا للحياة، حتى لو تجاوز المئة من العمر. كثيرًا ما أجد رجلًا في العقد السابع أو الثامن من عمره قد تعددت اهتماماته فتوفرت له بذلك استمتاعاته؛ لأنه أخذ حياته منذ شبابه مأخذ الجد ولم يستهتر، في حين أن أولئك المستهترين أيام شبابهم لا يكادون يبلغون الستين من العمر حتى يحسوا الحيرة وحتى يتساءلوا في عجب: لماذا هم أحياء؟ أيها الشاب استمتع بالجد الباقي، ولا تستمتع باللهو الزائل.  

نصائح: 

·         أجب عن جميع الأفكار أو الأجزاء سواء صيغت على شكل سؤال أو على شكل مقدمة افتتاحية. 
مثل:  

إذا كان السؤال هو: "هل ترى أن الاستهتار يدل على السعادة أم على فقدان المعنى؟ ناقش كلا الرأيين." 

لا تكتب فقط عن رأيك الشخصي، بل ناقش لماذا يراه البعض سعادة، ولماذا يراه الكاتب دليلاً على فراغ داخلي، ثم قدم رأيك المدعوم. 

 

·       خطّط لأفكارك أولاً، ثم اختر أفضلها. 
مثال: قبل أن تبدأ الكتابة، ارسم مسودة بسيطة: 

المقدمة: تعريف الاستهتار وربطه بالحياة المعاصرة 

الجانب الأول: الاستهتار كمتعة مؤقتة 

الجانب الثاني: الاستهتار كدليل على السأم والفراغ 

الخاتمة: رأيي الشخصي وأهمية الجد والعمل 

·       أظهر فهمك لكلا جانبي الحجة. 
مثل: 

"يرى البعض أن الشاب المستهتر يعيش لحظته ويتمتع بالحرية بعيدًا عن القيود. لكن في المقابل، يرى آخرون – ومنهم كاتب المقال – أن هذا السلوك دليل على فقدان الدلالة والهدف في الحياة." 

 

·        استخدم كلمات ربط لربط أفكارك. 
مثل: 

"من جهة أخرى، بالرغم من أن الاستهتار يبدو جذابًا في الظاهر، إلا أن..." 
"على العكس من ذلك، فإن الشاب الجاد..." 
"علاوة على ذلك، فإن العمل الجاد يمنح الإنسان شعورًا بالإنجاز." 

 

·         استخلص استنتاجك من الأفكار الرئيسية في مقالك، ولا تقدم أفكارًا جديدة في النهاية. 
مثال على خاتمة جيدة: 

"يتضح من ذلك أن الاستهتار ليس دليلًا على السعادة، بل على غياب المعنى، وأن العمل الجاد هو السبيل لمنح الحياة قيمة تدوم. لذلك، من الأفضل للشباب أن يبحثوا عن الدلالة لا عن المتعة المؤقتة."